18‏/07‏/2013

الـ دَيجُـور (2)


ثم انتشر الصراخ بمختلف أصواته , يخرج من كل شيء ,,
امتلأ الشارع بكل سكان المنطقة والغالبية الذين استطاعوا النطق قالوا : " زلزال "
فلم أعد و "عُمر " بمفردنا في الكحيل هذا ,,,
لم يعد في مقدرتي سماع صوت المناجي الآن لكني من قبل أعلم مصدر صراخه 
فتوجهت إليه وجددت نية الصمود , 
كلما اقتربت من هناك كلما فقدت أشعة النور ...
 ****
" سمر " إن عَشِقَت الحياة ذكرت الموت كثيرا ً 
فما الشيء الكارثي الذي يمكن حدوثه في الحياة
أكبر من الموت ؟؟؟
الألم ؟ المآسي ؟ 
كلها تنتهي وحتى إن انتهت بالموت , فليكن 
هي ميتة واحدة ...
هذه هي الفلسفة التي تعتنقها "سمر"
رغم ان هيئتها الطفولية لا تجعلك تصدق بأنها تستطيع عبور الطرق وحدها 
شعرها الليلي القصير الذي يأبى الخضوع , وعين البندق تلك وهي في حالة الفضول المزمن ,
بشرتها بيضاء ملمسها ثلجي , تجر أناملك إن لامستها ,

توقفت عن السير لمّا توقف صوت الصريخ عنها

نظرت إلى الوراء , إلى الذين تهجروا من بيوتهم منذ دقائق وارتموا على الأرض يبكون يرجون لحظة ثبات من تلك الهزة الأرضية 
وجدتهم ولكن ... الجميع في حالة جمود 
وأعني بها انهم كالثلج أصبحوا , 
أين " عُمر " ؟؟
هناك في طريقه إلى التقاطع الأخير من شارع " نفرتاري " الذي فيه يسكن
صاحت أخته ونادته , لم يجيب
ربما لم يسمعها 
هرعت إليه , وما إن وصلت , 
وجدا انفسهما أمام سحابه من تراب غابر ضارب إلى السواد ,
جثا "عُمر " على ركبتيه ذلك الفتى الهزيل الشارد دوماً في أفلام الرعب خاصته , 
لا يعلم له فلسفة تجعله يرتضي بالأمر الواقع والتصدي له ...
جثا على ركبتيه ,,,
ومالت إليه هي تجذبه للوقوف ,
لو أن هناك بصيص نور ,
وكأنهما لا يجتمعان , إما النور أو الدَيجُور ...
تراجعا للخلف و هم ينظران إليه , كما أنت في الظلام تشعر بأن شيء ما يتبعك
فتهرع دون أن تنظر للوراء , هنا هما مثلك إن وجدت كائن فزاع فلن تجرؤ على أن تدير له ظهرك وتمضي ...

أعاد الدَيجُور تكوينه وارتسم عليه الوضوح , يعلو الأرض بشيء بسيط وعيناه تفوق الظلمة ظلمات 

باستطاعته التشكل ... !!
هو الأخر تراجع لبضعة خطوات ثم اختفى
أمسك "عُمر " بيد اخته وعدا بها وعادا إلى " نفرتاري " 
وجدا الجميع في حالتهم الثانية , خارت قوى "سمر" والأدوار استبدلت ...
التزم هو القوة بينما هي تنهار ,,
كل الصمت الذي حل عليهما واجب , لا يستلزم الأمر إلا السماع لصوت منادي بالهرب ,,

كل الطرق متشابهة في العتمة والبلادة , البرودة والخوف

سمعا صريخ على جانب الطريق فتوقفا لعله يكون مرافق جديد للهرب ,
دخلا أحد "الشاليهات " التي يصدر منها الإستغاثة , 
وجدا فلانا جائيا يصرخ , عندما رأهم جهش إليهما وأمسك بيد " عمر " متلعثمة كلماته 
ينظر إلى عينيه خائف البوح ,
يؤرجح رأسه للوراء وللأمام ينوح

ساعده "عمر" على الوقوف وكأنه يود لو استطاع طمأنته فكل ما به أكثر , نظر له , تلجلج بـ : أعرف

تخطيا البُكى , وخرجوا للبحث عن أي حياة 
ارتفعت "سمر" بنظرها للأعلى فوجدت هذا الشيء يتسع في الأفق ويفرد ظلامه على الملأ ويفرض سيطرته على الضوء _ ضوء القمر _ الخافت 
تقدمهم هذا الشخص و وصل بهم إلى مجموعة من الناس لم تلمسهم لعنة الظلام بعد 
في أرض لم يوضع عليها الأساس 
هؤلاء قرروا أن يستقروا هنا لحين إشعار أخر ,
 فإما الموت أو النجاة تأتيهم 

بعد ان هدأ الجميع لفكرة الإستسلام , عانى بعضهم من الجوع

وبدأ صوت الأنين القاتل ...

اتفقا سمر وعمر على الخروج للبحث عن بعض طعام ,

*** 

ربما أمكننا تغير خطة الإستسلام تلك ...

السحابة تكبر فوقنا وتتسع ,
وضوء القمر أوشك الإنعدام
خرجت أنا أولا ً وتركت "سمر " خلفي
لم أرى أي شيء فتأقلمت على حياة كفيف , 
وجدت بعض مما تبقى من ضوء القمر منعكس على زجاج لافته فوق "مول " تجاري أذكر أن هذا مكانه
ناديتها , فآتت بهم إلي كلهم 
وكلنا عميان هنا , حتى النار ما استطعنا ان نوقدها بالحجر
كل النور مغلوب على أمره ,
ولكن نصر الله قريب , حتى ولو انتهت بالموت فهو نصر كذلك
وهكذا ألقاه ...

شعرت بأن أعدادنا تقل فلا أحد يدرك طريقه إلى اين يسلب خطاويه

فبدأت بالدندنة ليتبع الكل صوتي
وصلنا إلى الزجاج العاكس الضوء الباقي ,
وكنت كلما مددت يدي اعترضني اناس في وضع الجمود 
المكان مزدحم ..
في  كل هذا استغاثت أحدى الاطفال معنا
- عشان بنخاف 
ظلت ترددها وتعيدها مرات
ارسلت إلي إيجاب بالمقاومة 
فصحت فيهم أن لا يخافوا
وخرجنا جميعا ً إلى ميدان قبيل "المول "
كان الهتاف بعدي , " الله أكبر , الله أعلى ... نحن لا نخاف منك , إنا لا نخاف "
كلما رددناه ضاق به النور
دقائق مرت كسنوات طوال ,
 ازاح عنا ضوء القمر ولما راح كانت الشمس محتلة السماء ...

- " عُمر " اصحى !!

- ها ؟
- صوت صريخ جاي من اخر الشارع

تمت 




هناك 3 تعليقات:

  1. :D
    بتهزري ! :D
    وديتيني وجبتني ورحت وتكسيات وبهدلة :D

    طلع الأخ بيحلم !!!! :D
    حلوة
    بس انا عاوزاكي تقري الحلم تاني لو عاوزه منه فكرة توصل فاهماني ! :) بالنسبة لكونه حلم فهو حلو جدا واللخبطة اللي فيه حلوة جدا

    بس دلوقتي الفكرة من النوت الجزئين ايه ؟

    ردحذف
    الردود
    1. هههههه :D
      في أول القصة كان عمر بيتفرج على فيلم رعب جدا , لما نام طبيعي انه يحلم بكابوس , فاق منه لما بطل يخاف , لما صحى لقى اخته بتناديه تاني ( الحلم بيتكرر بس في الواقع )

      الفيلم الرعب , الكابوس , اقلاعه عن الخوف , الهتاف , تكرار الحلم في الواقع ...
      مش بيفكرك بحاجه كل ده ؟ :D

      حذف
  2. ده زى الـ premonition كده ,,, تكرار الأحداث اللى بتتشاف فى الحلم .. روووووووووعه حبيتها اوووووووووووى

    ردحذف