للمرة الأولى تبيت "مريم " خارج منزلها
مرافقة لصديقتها " أسما " في المستشفى ليلة
الليلة ساكنة , حتى هواء الغرفة " ميت "
الأرضية بيضاء والجدران مثلها ,
لا تحوي إلا سريران , أحدهما يثبت تحت " التكييف " الذي قررت ألا تجرب هوائه السقيم ,
***
التكييف معلق بالسقف , بنيّ غامق, وتحيطه أماكن متصله به ربما للتهوية كانت ,
لا أدري فهو ليس كالذي أعتدته ...
طرقت الباب صديقة أخرى " فاطمة" وقررت أن تبيت معي في مرافقة "اسما " المريضة ,
واتفقنا على التناوب ,
بدأت أنا أولاً , وغفوت فوق السرير الذي يحرص على مكانه تحت "التكييف "
ثم نادتني صديقتي الساهرة
فقمت مسرعة : " خير يا فاطمة في حاجة ؟ "
"لا , كملي نوم " قالت .
فقلت : " انتي مش نادتيني دلوقت ؟ "
" لأ ونامي يا مريم " .
لم أكن أدري أن سؤالي أثار الرعب داخلها ,,,
جعلت هاتفي صامت لأنتهي من إتصالاته التي يفتعل بها الإهتمام ,
لا أصدق إنه لهذه الدرجة قلق عليّ ...
لكني لم استطع النوم مرة أخرى ,
جلست جوار " فاطمة " على أرض الغرفة نشاهد برنامج سياسي ,,,
غدا ً مليونية لإسقاط النظام ,,, كيف سنعود إلى منازلنا
تفاهات تنتاب من لم تخرج من بيتها إلا لتعود إليه بعد ساعتين على الأكثر ...
- "فاطمة , خلينا ننام شوية "
= " انا مش هنام على السرير ده "
- " طيب ليه ؟ "
= " هنام على الأرض"
- " طيب انا كمان هنام على الأرض "
شيء ما جعلني أتركها واعود لأكمل نومي على " السرير"
استيقظت هي الأخرى وأضائت النور
فبحثت في الأرض قليلاً , وجدت حشرات صغيرة جدا تلدغها برفق مؤلم
سألتني وقالت : " تاكلي " لتهرب من كل الأسئلة التي تطرحها على نفسها
فجاوبتها بالإيجاب ,,
وجدت أثناء ذلك حشرة أخرى تكبر هؤلاء ,,,
غرفة " أسما " درجة أولى _إمتياز_ .. كيف في مستشفى خاص لها اسم كهذه تجد هذا الكم الحشري
وتكييف هوائه عقيم لا تعلم له سميا
لم أفكر إلا وعدت إلى هذا السرير الساكن ,
وقررت فاطمة إنها أيضا ستشاركني فيه بعد أن لدغتها الحشرات
استغرقت في النوم قليلاً ثم ناداني بصوت خافت : " مريم "
فنظرت له وقلت في هدوء : " أيوة , انت مين ؟ "
فرد وكأنه أمر طبيعي : " أنا جبر ,
انتي كويسة ؟ طمنيني عليكي ؟
"
فسألته : " جبر مين ؟ "
رد غاضبا بنبرة وعيد : " مش عارفه انا مين ؟ بكرة هتعرفي أنا مين "
لطمني سؤال فاطمة : " انتي بتكلمي مين يا مريم ؟ "
حاولت أن أبدي وكأن كل شيء طبيعي ,, قلت : " بكلم جبر "
فقالت : " جبر مين ؟ "
أشرت لها إلى التكييف أعلى وقلت : " أهو ... جوا "
ابقيت نظري إلى أعلى واتسعت عيناي , شعرت بأنني أطفو أو أنني أخف من الهواء , جذبتني فاطمة من فوق السرير و جلست بي أمام التلفاز ...
ظلت عيناها تبرق خوفا ولم تعيد النظر إلى التكييف ولا عادت اشتكت من هوائه الممل ,,
لم يكن شعوري بالخوف هنا ,
وكأنه أمر طبيعي وكأنني تحدثت إلى شخص ما مسالم , ورحل .. لكنني انتظرت ليعلمني من هو كما وعدني ولم يجيء ..
ربما لأنني غادرت في اليوم التالي ...
جبر ؟؟ ماله اسم غريب عن عالمنا !!
تمت